الحامل والمرضع في شهر الصيام إن الصوم لغة هو الامتناع عن الشيء، وشريعة هو الامتناع عن المفطرات من طعام وشراب وشهوات ولغو الكلام، ويمتد طوال النهار بدءًا من تبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر وحتى غروب الشمس. وقد فرض الله الصيام على المسلمين المكلفين من ذكر وأنثى في شهر رمضان فهو القائل عز وجل في كتابه الكريم في سورة البقرة: {يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون * أياماً معدودات فمن كان منكم مريضاً أو على سفر فعدة من أيام آخر، وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين، فمن تطوع خيراً فهو خير له، وأن تصوموا خير لكم إن كنتم تعلمون * شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدىً للناس وبينات من الهدى والفرقان، فمن شهد منكم الشهر فليصمه، ومن كان مريضاً أو على سفر فعدةٌ من أيام أخر، يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر، ولتكملوا العدة، ولتكبروا الله على ما هداكم، ولعلكم تشكرون}. إذن الصيام فرض على المؤمنين واستثنى المرضى والمسافرين على أن يقضوا ما فاتهم ضمن شروط تحدث فيها العلماء يمكنك مطالعتها في الفتوى التالية: ما حكم صيام الحامل والمرضع ونعود إلى موضوعنا: بالنسبة للحامل والمرضع، وهل تصوم الحامل والمرضع في رمضان.. الجواب باختصار: نعم. ولكن هناك تفصيل نحاول بإذن الله بيانه للأخوات الحوامل والأخوات المرضعات. من أهم المراحل التي تمر بها المرأة هي "مرحلة الحمل" فهي بحاجة إلى عناية خاصة، من ناحية غذائية ونفسية وطبعاً طبية. ويهمنا كأطباء ومجتمع أن يكون الحمل صحياً. وقد قسمت مراحل الحمل من بداية الإخصاب حتى الوضع إلى ثلاثة أقسام: المرحلة الأولى: تبدأ بعد عملية الإخصاب حتى نهاية الأشهر الثلاثة الأولى، وهي من أهم المراحل في حياة الجنين، حيث تبدأ عمليات انقسام البويضة المخصبة إلى الخلايا التي تكون الجنين، والذي يأخذ شكله في الأسبوع السابع، ثم تبدأ عمليات نشوء الأجهزة المختلفة. والمرحلة الثانية: تبدأ بعد ذلك وحتى نهاية الأسبوع الثامن والعشرين، حيث ينمو الجنين بسرعة وتتكامل الأجهزة ويزداد وزن الجنين ووزن الأم بشكل ملحوظ، حتى ندخل في المرحلة الثالثة إلى نهاية الحمل بعد إتمام أربعين أسبوعاً حيث يتم الوضع. ويعتمد تحمل المرأة للمخاض وإدرار الحليب على تغذيتها خلال مرحلة الحمل كما يعتمد نمو الطفل وصحته بشكل كبير على تغذيتها خلال هذه المرحلة أيضا. وسؤالنا المهم هنا هو: كيف تتم التغذية المناسبة للحامل؟ يحتاج جسم الحامل إلى غذاء متوازن يحتوي على جميع العناصر الغذائية (نشويات وبروتينات ودهون بالإضافة إلى الماء والفيتامينات والمعادن). كما يزداد احتياجها إلى ال"سعرات الحرارية" اليومية إلى أكثر من 300 سعر حراري، فالمرأة في سن 25 عاماً مثلا وزنها 58 كجم تحتاج بالوضع الطبيعي 2000 سعر حراري في اليوم وعندما تكون حاملاً تحتاج إلى زيادة 300 سعر إضافي أي تحتاج إلى 2300 سعر حراري في اليوم، وهذا الجدول يبين ذلك كمثال: العناصر الغذائية امرأة وزن 58 كجم 25 سنة في حالة حملها المرضع الزيادة المطلوب المطلوب الطاقة (سعرات حرارية) 2000 300 2300 2500 البروتين بالجرام gm 44 30 74 64 الكالسيوم gm 0.8 0.4 1.2 1.2 الحديد mg Fe 18 - 18 18 فيتامين أ 1.4 F1 2664 666 3330 3996 فيتامين mg B1 1 0.4 1.4 1.5 فيتامين mg B2 1.2 0.3 1.5 1.7 النياسين mg 13 2 15 18 فيتامين ج mg c 60 20 80 100 فيتامين 1.4 D 200 200 400 400 يتبين أن السيدة الحامل بحاجة إلى زيادة السعرات الحرارية وإلى زيادة البروتين بصفة خاصة، مع زيادة في بعض المعادن والفيتامينات، والتي يمكن إعطاؤها بشكل أقراص أو كبسولات أثناء الحمل، ويصفها الطبيب عادة للسيدات الحوامل، وخاصة اللائي يجدهن حاجة لمثل هذه العلاجات، بعد إجراء الفحوصات المخبرية والسريرية. وكما ذكرنا فإن السيدة الحامل يمكنها الصيام، طالما أنها لا تشكو من أمراض تحتاج إلى علاجات خاصة يقررها الطبيب المشرف عليها أثناء الحمل، وطالما أنها بصحة جيدة. وقد حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم كما جاء في سنن الترمذي أن هناك رخصة للحامل والمرضع بالإفطار في رمضان. كما جاء أيضاً في سنن ابن ماجه (كتاب الصوم) عن أنس بن مالك قال: "رخص رسول الله صلى الله عليه وسلم للحبلى التي تخاف عن نفسها أن تفطر وللمرضع التي تخاف على ولدها". وقد جاء أيضاً عن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: "تسحروا فإن في السحور بركة". وفي الحقيقة أنه يتبادر إلى الذهن السؤال: كيف يمكن أن تقرر الحامل والمرضع أنها تخاف على نفسها وعلى جنينها، وكل السيدات الحوامل والمرضعات يمكن وصفهن بهذه الصفة؟ لذلك نقول: إن عليها أن تستشير الطبيب المشرف على حالتها، ويتأكد بأنها بصحة جيدة ولا تشكو من فقر الدم أو أية أمراض أخرى، وأن الصيام لا يؤثر عليها أو على طفلها. ويمكن كما ذكرنا أن يساعدها ببعض المقويات والفيتامينات الضرورية. وبالنسبة للسيدة المرضع بعد الولادة مباشرة: تدخل السيدة فيما نطلق عليه "النفاس" ولا يجب عليها الصيام شرعاً، وتستمر هذه الفترة على الأغلب لمدة أربعين يوماً بعد الولادة، حيث يستمر نزول دم النفاس ولا يجوز لها الصلاة ولا الصيام أثناء هذه الفترة. وفي هذه الفترة وفي الأيام الأولى يبدأ نزول الحليب "اللبن" من الثدي ويكون في البداية قليلاً ومركزاً وغنيا بالمواد المغذية للطفل، وفيه العناصر الضرورية للنمو ويساعد على تقوية المناعة لدى الطفل. وقد ثبت طبياً الأهمية العظيمة للرضاعة على الصحة البدنية والنفسية للأم والطفل، فإنه لا مقارنة بين الرضاعة الطبيعية والصناعية، لذلك ننصح الأمهات جميعاً بالمحافظة على الرضاعة الطبيعية لأطفالهن. وطبعاً تكوين الحليب يتم ويفرز من الغدد الحليبية الموجودة في الثدي، والتي تنشط بعد الولادة مباشرة بفعل الهرمونات الجسمية، وقد ثبت أن تغذية المرأة في فترة الحمل وبعد الولادة لها دور فعال في كمية الحليب، وسرعة إدراره، وتركيز بعض المواد الغذائية فيه، وأي نقص في هذه العناصر في الجسم يعوض من خلال المواد الغذائية الموجودة في جسم الأم، والتي تدخل في صناعة الحليب، من أنسجة الجسم العظمية والعضلية والدهنية والدم، ما يزيد من احتمالية إصابة الأم بهشاشة العظام وأمراض فقر الدم المختلفة. وما ينطبق على الأم المرضع، هو نفسه ما ينطبق على الأم الحامل من ناحية الصيام. فيمكن للأم المرضع أن تصوم شهر رمضان على أن تضع في الاعتبار نوعية وكمية غذائها في وجبات الإفطار والسحور، ويمكن تناول بعض الفواكه الطازجة قبل النوم أيضاً أي بين الإفطار والسحور. كما أن هناك بعض المواد الغذائية التي تساعد على زيادة الحليب، مثل الحلبة والترمس وحبة البركة. وأنهي كلامي معكما بما هو من آداب الإفطار وهو أن يبدأ الفرد إفطاره على 3 حبات من التمر والماء وأن يدعو الله فيقول: "اللهم لك صمت وعلى رزقك أفطرت ذهب الظمأ وابتلت العروق وثبت الأجر إن شاء الله". وكل عام وأنتم بخير وصياماً مقبولاً إن شاء الله. للامانه منقول