كيف نعلم أبناءنا الجنس؟ نحن نرى أن المدخل الشرعي هو أنسب المداخل إلى هذا الموضوع، بمعنى أنه مع اقتراب سن البلوغ، والذي من علاماته بداية ظهور ما يسمى بالعلامات الجنسية الثانوية مثل: بداية ظهور الشارب، والشعر تحت الإبطين، وخشونة الصوت في الذكور أو نعومته بالإضافة إلى بروز الصدر في الإناث عند ظهور هذه العلامات يبدأ الأب والأم –حسب الحال- في الحديث عن انتقال الفتى أو الفتاة من مرحلة إلى مرحلة فمن الطفولة التي لم يكن مكلفًا فيها شرعياً إلى البلوغ والمراهقة، التي أصبح مكلفًا فيها شرعياً، وأصبحت عليه واجبات والتزامات لم تصبح في حقه فضلاً أو مندوباً كما كانت في السابق ومن هذه الواجبات الصلاة وأنها يشترط فيها الطهارة، وأن هذه الطهارة –وهو طفل- كانت تعني الوضوء فقط، ولكن نتيجة انتقاله من عالم الأطفال إلى عالم الكبار أصبح مطالبًا بطهارة من أمور أخرى؛ نتيجة لتغيرات فسيولوجية داخل جسمه ثم يشرح للطفل بطريقة علمية بسيطة التغيرات الهرمونية والعضوية التي تحدث في جسمه، وتؤدي إلى بلوغه سواء بالاحتلام في الذكور، أم بنزول دم الحيض في البنات. ويجب أن يتسم الحديث بالوضوح والصراحة وعدم الحرج؛ لأن المشاعر الأولى في تناول هذا الأمر تنتقل إلى الطفل، وتظل راسخة في ذهنه، وتؤثر على حياته المستقبلية بصورة خطيرة ثم تكون النقطة الثالثة التي يتم تناولها؛ وهي الحكمة من حدوث هذه التغيرات في جسم الإنسان، ودورها في حدوث التكاثر والتناسل من أجل إعمار الأرض وأن التجاذب الذي خلقه الله بين الجنسين إنما لهذه الحكمة وأنها رسالة يؤديها الإنسان في حياته؛ ولذا يجب أن تسير في مسارها الطبيعي وتوقيتها الطبيعي الذي شرعه الله وهو الزواج الشرعي؛ ولذا فيجب أن يحافظ الإنسان على نفسه؛ لأنها أمانة عنده من الله . ثم يتم الحديث عن الصور الضارة من الممارسات والتصرفات الجنسية ( بصورة إجمالية دون تفصيلات إلا إذا كان هناك مايستلزم التفصيل ) وكيف أنها خروج عن حكمة الله فيما أودعه فينا ويتم ذلك بدون تخويف أو تهويل أو استقذار ثم يتم فتح الباب بين الأب والأم وأبنائهم وبناتهم في حوار مستمر ومفتوح بمعنى أن نخبره أننا مرجعه الأساسي في هذه المواضيع، وأنه لا حرج عليه إذا لاحظ في نفسه شيئاً، أو سمع شيئاً، أو قرأ شيئاً أو جاء على ذهنه أي تساؤل أن يحضر إلينا ليسألنا أو لتسألنا فسيجد أذناً وقلوباً مفتوحة وأنه لا حرج ولا إحراج في التساؤل والنقاش حولها ولكن في الوقت المناسب، وبالطريقة المناسبة ثم نكون قريبين منهم عند حدوث البلوغ ذاته فنطمئنه ونطمئنها ونرفع الحرج عنهم، ونذكرهم بما قلناه سابقاً ثم نعاونهم بطريقة عملية في تطبيق ذلك سواء بالاغتسال بالنسبة للبنين أم بالإجراءات الصحيحة للتعامل مع الموقف مثل الفوط الصحية وما إلى ذلك بالنسبة للبنات ونشعرهم أن ما حدث شيء يدعو للاعتزاز، لأنهم انتقلوا إلى عالم الكبار وأن ما حدث شيء طبيعي لا يدعو للخجل أو الإحراج؛ حيث تنتاب هذه المشاعر الكثير من المراهقين خاصة البنات. كما يمكن إرشادهم لبعض المصادر العلمية المؤتمنة إن كانوا في وضع يسمح لهم بذلك فيوسعون معلوماتهم ومعارفهم عن طريق الكتب والموسوعات العلمية والطبية . أو يزودون ببعض الأشرطة والمحاضرات التسجيلية في هذا المجال إن وجدت أو بعض المجلات الحديثة الجيدة التي تغطي جوانبا من هذه الموضوعات ، ونكون بذلك قد وضعنا أرجلهم على الطريق الصحيح للمعرفة الصحيحة في الحاضر والمستقبل . ثم يستمر ذلك الدعم بعد حدوث البلوغ بتحسس أخبارهم، والبحث عن مواضيع التساؤل عندهم وتَحَيُّن الفرصة لمزيد من الرد على ما يكون قد تَكَوّن في أذهانهم من تساؤلات عن الزواج، والجنس بطريقة بسيطة وواضحة، ليس فيها زجر أو هروب من السؤال؛ حيث إنهم إذا لم يحصلوا على الإجابة من الأب والأم فسيحصلون عليها من مصادرهم الخاصة بكل ما تحتويه من أضرار، وتضليل. إنه أمر فعله رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ حين علّم الأصحاب والصحابيات بلغة راقية وبأسلوب بسيط لا إفراط فيه ولا تفريط؛ لأن الجنس جزء من الحياة اعترف به الإسلام ووضع الأطر الصحيحة للتعامل معه، وكانت أموره تناقش علناً في مجلس الرسول الكريم فكان نعم المعلم صلى الله عليه وسلم